استراتيجية الأسئلة لدى المعلم في الفصل - أكاديمية التدريس

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد... 

استراتيجية الأسئلة لدى المعلم في الفصل - أكاديمية التدريس


المقدمة 

مما لا شك فيه أن الأسئلة من المكونات المهمة والرئيسية لأي عملية تدريس ناجحة، وذلك لكونها وسيلة فعالة للحفاظ على الإثارة الفكرية في الصف، فضلًا عن جعل البيئة الصفية بيئة نشطة تعج بالتفاعل بين المعلم والطلاب، وبين الطلاب وبعضهم لبعض.

وتستخدم الأسئلة في المراحل المختلفة للدرس، فهي تستخدم في التهيئة والإثارة، كما تستخدم أثناء تنفيذ إجراءات تحقيق أهداف الدرس، وتستخدم أيضًا في التقويم؛ فالسؤال هو المتحدِّي الدائم لفكر الطلاب داخل غرفة الدراسة أو خارجها.

وتستخدم الأسئلة في التدريس بصرف النظر عن طريقة التدريس المستخدمة، فهي تدخل مع الإلقاء، وأساسية في المناقشة، وتضاف إلى كل من طرق التدريس الخاصة بمجالات دراسية معينة تقريبًا، وعلى ذلك يمكن القول أنه من الصعب أن نجد استراتيجية لتدريس درس ما خالي من قدر كبير أو صغير من الأسئلة المتنوعة في هدفها وفي مستوى عمق ما تتطلبه من عمليات عقلية.

قواعد يجب أن يراعيها المعلم ويحرص على إتباعها 

من أهم هذه القواعد ما يلي:-

- يجب ألا توجه الأسئلة بصفة دائمة إلى مجموعة معينة من الطلاب دون بقية طلاب الفصل، إذ يجب أن يشترك جميع الطلاب في الحوار الذى يدور في غرفة الصف، ويقع على المعلم عبء الانتباه لهذه الظاهرة، إذ يجب عليه تشجيع جميع الطلاب على المشاركة، وتعيين السؤال المناسب لقدرات كل طالب؛ لحثه على المشاركة ومن ثم مساعدته في التقدم في دراسته.

- يجب أن تشجع الأسئلة عمليات التفكير، وليس مجرد سرد المعلومات، وأفضل الأسئلة ما يسمح للتفكير التباعدي، وهو التفكير الذي يؤدي إلى أفكار متشبعة، وليس كلمات محددة ضيقة، وعادة ما تبدأ الأسئلة التي تؤدي إلى التفكير التباعدي ب”لماذا“ و”كيف“، أما الأسئلة التي تبدأ ب”متى“ و”أين“ فهي تؤدي في أغلب الأحيان إلى التفكير التقاربي الذي يفرز ضيق التفكير والمعلومات أو الاستجابات المحددة الضيقة.

- يجب أن تعد الأسئلة بعناية في مرحلة التخطيط للتدريس، بحيث تصمم وتصاغ بدقة؛ لتخدم أهداف الدرس، وتتسلسل بانسجام أيضا؛ لتؤدي إلى المخرجات التعليمية المعبرة عن تلك الأهداف، ويشمل ذلك دقة السؤال وقصره ووضوح المطلوب منه بحيث يصبح السؤال مفهوما من قبل الطالب لأول وهلة.

- يجب أن يبتعد المعلم عن الأسئلة المضيعة للوقت دون إعمال فكر الطلاب، ومثال ذلك هي الأسئلة التي تنتهي إلى ترديد سبق أن ذكرها المعلم أو الأسئلة التي تنتهي إجابتها بكلمتي نعم أو لا.

- يجب أن يكون المعلم مرنا في تلقي الإجابات من الطلاب، فلا يتوقع إجابة محددة في ذهنه، بل يتوقع إجابات متعددة متقاربة تدور حول المطلوب، كما تتطلب مرونة المعلم القدرة على تبسيط السؤال الواحد أو تجريده إلى سؤالين فرعيين أو أكثر عندما تقتضي الحاجة ذلك.

 - يجب أن ينتبه المعلم دائما لأهم قاعدة في مجال إلقاء الأسئلة وهي (وقت الانتظار) وهي الوقت الذي ينتظره المعلم بعد إلقاء السؤال حتى يسمح للطالب بالإجابة، ويستمر هذا الوقت لعدة ثوان بعد إلقاء السؤال. وقد بينت الدراسات أن هذا الوقت ضروري لاستقبال الطلاب للسؤال ثم بدء العمليات العقلية وإصدار الاستجابة المطلوبة، ونظرا للفروق الفردية بين الطلاب فقد يستجيب أحد الطلاب مثلا بعد مرور ثانية واحدة لسؤال المعلم، وبالرغم من ذلك على المعلم أن يأخذ في الحسبان باقي الطلاب وما بينهم من فروق فردية، فينتظر لمدة 5 ثواني على الأقل بعد توجيه السؤال قبل أن يسمح بالإجابة حتى ولو أبدى بعض الطلاب استعدادهم للإجابة قبل مرور هذا الزمن.

- يجب أن يستخدم المعلم عبارات أو كلمات المدح والثناء، وكذلك حركات الجسد والوجه التي تشجع الطالب على الاستمرار في الإجابة والسير قدما في التعبير عما يدور في ذهنه من أفكار وتشجيعه على تكرار المشاركة.

 - يجب أن لا يستخدم المعلم الأسئلة على أنها نوع من أساليب تعجيز الطلاب وتقليل شأنهم فهذا الأمر يفقدها قيمتها في إثارة العقل وتنمية المهارات الاجتماعية والقدرات الذاتية.

وطبعًا ما نقصده بالأسئلة ليست تلك التي تعودنا سماعها مثل:-

ما عاصمة مصر؟ 

أليس الصقر طائرا؟ 

إن مثل هذه الأسئلة التي تستدعي إجابة من كلمة واحدة أو يجيب عنها الطلاب ب(نعم أو لا) ليست الأسئلة التي نقصدها ولكن ما نقصده هو الأسئلة المثيرة للتفكير أو المتعددة في الإجابات مثل ما الفرق بين الصقر والبومة أو كيف يمكن معالجة مشكلة زيادة استهلاك المياه في المنازل أو ما أفضل الطرق لتقليل عدد السيارات في المدن. ونود هنا أن نذكر المعلم أن غزارة المادة العلمية شرط هام لتدريس بوجه عام واستخدام الأسئلة بوجه خاص فإذا سأل المعلم الطلاب سؤالا من النوع الذي نقصده وأثار في تفكيرهم وجاءت إجاباتهم متنوعة فكيف يحكم على الصحيح من الخاطئ منها ما لا يكن لديه معلومات كافية في تخصصه وتكون لديه ثقافة عامة في المجالات الأخرى القريبة من مجال تخصصه .


 مهارات للمعلم لاستخدام الأسئلة

الانتباه إلى توزيع تلك الأسئلة على جميع طلاب الصف بصورة عادلة ومناسبة لإمكانيات الطلاب.

١- استخدم ورقة كبيرة لترسم فيها شكلا تخطيطيا لغرفة الصف.

٢- لاحظ الطلاب المشاركين في الإجابة عن الأسئلة، ضع علامة (✓) في المربع الذي يمثل مكان الطالب المشارك.

٣- في نهاية الدرس وعن طريق العلامات (✓) يمكنك التعرف على المشاركين مرة أو أكثر وعلى الذين لم يشاركوا على الإطلاق وذلك عن طريق أنك قد تجد مربعا فيه علامتان أو أكثر بينما هناك مربعات ليست فيها أية علامة مما يعني أن هناك طالبا قد شارك في الإجابة عن الأسئلة مع المعلم مرتين أو أكثر بينما لم يشارك غيره فيها وإذا كررت هذا العمل في الصف نفسه في درس آخر فقد توصل إلى ملاحظات مشابهة، إلا إذا كان المعلم ماهرا في تنويع الأسئلة والاهتمام بتوجيه جميع الطلاب للإجابة عنها ومساعدتهم على ذلك ، ولعل ذلك يدعونا إلى توجيه النظر إلى ما سبق ذكره بخصوص قواعد استخدام الأسئلة ، كما يجعلنا نصنف تلخيصا لبعض الممارسات التي يمكن للمعلم الاستفادة منها في تحسين نوعية إجابات الطلاب وتشجيعهم على المشاركة في الإجابة على الأسئلة 

ومن هذه الممارسات المهمة ما يلي:-

- اجعل صياغة سؤالك واضحة المعنى مفهومة المقصد بحيث لا يختلف الطلاب في فهمها ويمكن أن يتم ذلك في أثناء تخطيطك للدرس وكتابة الأسئلة في المنزل و مراجعة الصياغة مع نفسك أكثر من مرة ولا بأس من اشتراك زميل أو أكثر من زملائك في هذا العمل

- اجعل السؤال قصيرا كلما أمكن ذلك واستبعد منه الكلمات الزائدة ولا تستخدم الكلمات غير المألوفة لدى الطلاب 

- تأكد من هدوء غرفة الصف لدرجة تجعل السؤال مسموعا من جميع الطلاب لأنه من غير المفضل أن تعيد إلقاء السؤال بسبب الضوضاء

- يمكنك تشجيع الطالب الذي أخطأ في الإجابة أو الذي أعطى إجابة غير مكتملة وذلك باستخدام بعض الكلمات اللفظية ألا بقة مثل :- فكر مرة أخرى ، يمكنك إعطاء إجابة أفضل إذا فكرت مزيداً من الوقت ، كلامك معقول ولكنه يحتاج إلى توضيح أكثر.....إلخ .

- لا تترك الطالب الذي أخطأ دون أن يعرف الإجابة الصحيحة فمن الضروري متابعة هذا الطالب لتوجيه تفكيره وتنمية قدرته على التفكير والمشاركة في الأسئلة الصفية ، كما لا يجب أيضا ترك الإجابة الصحيحة دون تعليق أو دون الثناء عليها.

- تذكر إن كثرة عدد الأسئلة يعني قلة الوقت الذي سيخصص للتفكير، فاحسم بدقة التوازن في هذه القضية.

- حدد قدرات أو عمليات التي يتضمنها السؤال ( مجرد تذكر أم فهم ام حل مشكلات ام تحليل ... ) ليمكنك على أساسها تحديد الفترة التي ستمنحها للطلاب للتفكير، إذ ليس من المعقول أن تنتظر 5 ثواني لتذكر الطالب حقيقة ما وتنتظر نفس الوقت ليقدم لك الطالب تحليلا لفكرة معينة في الدرس أو تقويما لعمل تعرضه عليه فكلما ارتفع مستوى العمليات العقلية المتضمنة في السؤال كلما ازداد الزمن اللازم لإجرائها.


 مهارات فرعية للمعلم لاستخدام الأسئلة؛ تفعيل الحوار مع التلاميذ

١- تشجيع التلاميذ على توجيه الأسئلة وتدريبهم على مهارات الحوار.

٢- أن يستخدم الأسئلة الاختبارية وكذلك الأسئلة التفكيرية.

 ٣- أن تكون الأسئلة في موضوعات مهمة مثيرة للاهتمام التلاميذ وبعيدا عن الصعوبة الزائدة والسهولة الشديدة وغير موحية بالإجابة.

٤- إعطاء التلميذ الزمن الكافي للإجابة.

٥- ألا تقدم الأسئلة بتتابع شديد وأن تكون غير تعجيزية.

 ٦- ألا يكون الهدف من الأسئلة إظهار ضعف التلاميذ أو السخرية منهم.

الخاتمة

وأخيرًا الاهتمام بالأسئلة التي يثيرها الطلاب، حيث إنها قد تساعد في الكشف عما يدور في أذهانهم والاستعانة بالإيحاءات غير اللفظية التي تشجع الطلاب على الاستمرار في الإجابة، ومن الأمثلة عليها:- (النظر إلى الطالب الذى يتكلم، وأيضًا الإيماء بالرأس للتعبير عن الاستحسان) وعدم السماح بالإجابات الجماعية.

لذلك نرجو من جميع العاملين في مجال التدريس الاهتمام باستراتيجية الأسئلة لدى المعلم في الفصل؛ لما لها من أهمية وتأثير كبير على العملية التعليمية وعلى تطوير مهارات التفكير لدى الطلاب، وكما ذكرنا سابقًا فلا توجد طريقة تدريس تخلو من الأسئلة؛ لذا وجب علينا تسليط الضوء على تلك الاستراتيجية.

"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ".

الحمد لله له الحمد وله الشكر وله الثناء الحسن ،لقد وفقنا الله إلى هذا الموضوع، وأرجو أن يكون وفقني الله في هذا الأمر، داعين الله عز وجل أن يكون البحث عند حسن ظنكم وينال رضاكم بإذن الله تعالى.

المراجع

- جامعة سوهاج الجديدة كلية تربية شعبة طفولة.

- كتاب:- مهارات ما وراء المعرفة.

الكاتبة/ شاهندة جابر محمد

تصميم/نورا عبدالهادي


لمعرفة المزيد عن أكاديمية التدريس شاهد هذا الفيديو...