تصميم وبناء المناهج الدراسية - أكاديمية التدريس

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ،،
 تصميم وبناء المناهج الدراسية


يُعتبر المنهج الدراسي من المواضيع التربوية المهمة ؛ لأنه أساس التربية ، أداة مجتمعية ودولية لتحقيق الأهداف التي يُسعى إليها لبناء المجتمع ، وتحقيق الخطط التنموية الشاملة على المدى القريب والبعيد ، كما يعد وسيلة لتشكيل وتقويم سلوكيات أفراد المجتمع في الحاضر والمستقبل.





وكما نعرف أن المنهج الدراسي يتكون من مجموعة من العناصر المتعددة والتي تتفاعل معاً .. ولكن يبقى السؤال..

- من أين نبدأ ؟ وكيف نبدأ ؟
- هل هناك طرق أو نماذج متبعة ومتعارف عليها لبناء المنهج الدراسي؟
- هل يمكن بناء منهج دراسي بدون خطة أو نموذج ما؟
- هل يمكن بناء أو اقتراح نموذج لبناء المنهج الدراسي؟
- ما فائدة وجود نموذج لبناء المنهج الدراسي؟
هذا ما سنتعرف عليه في هذه الورقة التي نأمل أن تسهم في تحقيق أهداف مقرر تخطيط المنهج وتنظيمه

بناء المنهج الدراسي



كل من يدرس مجال المنهج يكاد أن يسأل : "كيف يُبنى منهج مادة دراسية ما

(لغة عربية ، علوم ، اجتماعيات)..؟"

هذا السؤال يبدوا سهلاً في منطوقه ، فهل هو كذلك في الإجابة عنه؟ ...



إن عملية بناء المناهج تشمل ست مراحل رئيسية وهي: تخطيط المنهج ، إنتاج المنهج ، التجريب الحقلي ، تعديل وتحسين المنهج ، تعميم المنهج وأخيراً التقويم النهائي للمنهج.

هذه العمليات تمثل منظومة متكاملة متتابعة ومنسقة ومتفاعلة مع بعضها البعض. 

مفهوم نموذج بناء المنهج



تعددت تعريفات نموذج بناء المنهج الدراسي حيث ذكر (زيتون، ٢٠١٢ ،ص392) أنه "إطار تنظيمي يصف بالتفصيل مراحل/ إجراءات بناء المنهج وما بينها من علاقات ويُمثل هذا الإطار عادة بمخطط توضيحي يسير على هداه بناة المنهج عند تشييده".
في حين يرى (جريفز) أن نموذج بناء المنهج هو "تمثيل مبسط للواقع المعقد ، يساعد على الفهم الأفضل لذلك الواقع ، إذ يوضح نمط العمليات التي تتم عند تخطيط المنهج سواء على مستويات عامة أو خاصة".
فـنموذج المنهج Model Curriculum : یعد حلقة الوصل بين الفكر التربوي والممارسات التربوية ، وهو تصور أو رسم تخطيطي للمنهج بوصفة عملية ، حيث یصف المصادر المعتمدة في تطوير المنهج ، وتسلسل عناصره والعلاقات بينها ، وهو بالتالي وسيلة تساعد في تخطيط المنهج وتنفيذه وتقويمه.


نماذج تخطيط المنهج الدراسي



ظهرت في الثلاثينيات من القرن العشرين مجموعة من النماذج أو الأفكار المهمة في عملية تخطيط المناهج كان من أشهرها نموذج (تايلر) Model's Tyler ، ونموذج (هيلدا تابا) ونموذج (جريفز)

أما عن نموذج تايلر فقد تم خلاله طرح أربعة أسئلة مهمة لا بد من أخذها في الحسبان عند التخطيط لمنهج مدرسي جديد وهذه الأسئلة هي :

  1. ما الأهداف التربوية التي ينبغي على المدرسة أن تسعى لتحقيقها؟
  2. ما الخبرات التربوية الممكن توفيرها لتحقيق هذه الأهداف؟
  3. كيف یمكن تنظيم هذه الخبرات التربوية بصورة فعالة؟
  4. كيف یمكننا تحديد ما إذا كانت تلك الأهداف قد تم تحقيقها أم لا؟

وفيما يلي عرض لهذه المراحل :
1- تحديد الأهداف التربوية :
    - المتعلم: ينبغي الأخذ في الاعتبار ظروف المتعلم وحاجاته الأساسية وميوله ورغباته واهتماماته ، حيث يتم ذلك بطرق متعددة منها : ملاحظة المعلمين للمتعلم ، وإجراء المقابلات ، والدراسات الميدانية التي تستهدف التعرف على واقع المتعلم وإمكاناته.
    - الحياة المعاصرة: ينبغي أن يؤخذ في الحسبان حياة المتعلم المعاصرة ومجالاتها ومتطلباتها
خصوصا في مجال القيم والاتجاهات والعادات وواجب المنهج المدرسي ليس فقط تهيئة المتعلم تحسين تلك الحياة للتكيف مع الحياة المعاصرة ، بل أيضا وجعلها أكثر صالحية للعيش.
    - المادة الدراسية: تختلف المواد الدراسية في طبيعتها وأهدافها، فلكل مادة دراسية طبيعة تميزها، وأهداف خاصة بها ، فضلاً عن اشتراكها كلها في العمل على تنمية العقل والوجدان عند المتعلم، ومساعدته على اكتساب المهارات العملية.
    - الفلسفة: لكل مجتمع فلسفة قومية وفلسفة تربوية تتعلق بطبيعة العملية التربوية وأهدافها وعملياتها والإجراءات التعليمية / التعلمية والتقويمية التي يجب أن تُتَّبع ، حيث تؤثر هذه الفلسفة في العمل التربوي بما في ذلك تأثيرها على المنهج.
    - سيكولوجية التعلم: توفر الدراسات النفسية المتصلة بطبيعة التعلم لمصمم المنهج مصدراً رئيسياً من مصادر اشتقاق الأهداف، حيث تيسر لواضع المنهج تنظيم الخبرات التعلمية تنظيماً يسهل في تحديد نوعية السلوك المرغوب تعلمه ، كما تساهم في تحديد المعايير الخاصة الدالة على السلوك المطلوب استعمالها كمحكات تدل على بلوغ التعلم الأهداف المحددة له.
2- اقتراح الخبرات التعليمية :
تشير الخبرة إلى التفاعل بين المتعلم والظروف الخارجية البيئية التي يتفاعل فيها المتعلم، ويؤدي هذا التفاعل إلى مجموعة من الأنشطة التي يقوم بها ، وبالتالي يحصل نوع من التعلم تبعاً لنوعي هذه الأنشطة. ويرى تايلر أنه لا يكفي أن يكون المتعلم متفاعلاً مع خبرة تعلمه ، بل يجب أن يكون هذا التفاعل من النوع الملائم لإحداث تعلم جيد.
3- تنظيم الخبرات التعليمية لتحقيق التعليم الفعال :
يراعى في هذه الخطوة تسلسل الخبرات وتناسقها وتدرجها ، حيث يسهل تعلم الخبرات الأولى و منها تعلم الخبرات اللاحقة ، حيث تحدد هنا المفاهيم ، والمهارات ، والقيم الرئيسية في كل خبرة تعليمية ثم يتم تنظيمها في شكل بنائي (المقررات الدراسية، أو الوحدات الدراسية ..الخ) وتحدد الأنشطة التعليمية التي تسهل عملية ممارسة الخبرات.
4- تقييم المنهج :
إن عملية التقويم تستخدم في سبع مراحل مختلفة في بناء المنهج كالاتي:


    - مرحلة التخطيط للمنهج

    - مرحلة التجريب الميداني لخطة المنهج ليتبين مدى فاعليته.

    - مرحلة تعميم المنهج وذلك بهدف التعرف على المشكلات والصعوبات فيه.
    - مرحلة إنتاج المنهج
    - مرحلة تعديل وتحسين المنهج

    - مرحلة تقويم الأفكار والوسائل والمواد المقترحة لتطوير المنهج حيث يتم اختبارها لتبين مدى صالحيتها.
    - المرحلة الأخيرة تتعلق بمدى فاعلية الخبرات التعلمية للمنهج في إحداث السلوك المطلوب أو الأهداف التي استهدفها المنهج عند المتعلمين

وتتعلق هذه المرحلة بما يجب أن تحققه المدرسة من خلال المنهج المدرسي ، وتتحدد الإجابة عن هذا السؤال المثار بصدد هذا الموضوع تبعاً لظروف وإمكانات المتعلم نفسه وقد حدد تايلر مجموعة من المصادر الرئيسية التي يجب دراستها لكي يمكن الوصول إلى أهداف تربوية سليمة للمنهج وهي:

"ماذا لو أردنا بناء منهج دراسي ما..؟"

1- نموذج تايلر :

مراحل بناء المنهج وفق نموذج تايلر :
 معظم الإجراءات المقبولة لتطوير المنهج وبخاصة عملية تحديد الأهداف ، واختيار المحتوى الذي سيعمل على تحقيق تلك الأهداف وتطوير الاجراءات المتعلقة بالتقويم. 

2- نموذج تابا :

وقد اقترحت (تابا) ، البدء بتخطيط وحدات تعليمية تعلمية بدلاً من تطوير خطة عامة للبرنامج المدرسي كخطوة أولية. وتمثل تلك الوحدات في هذا الصدد الأسس العامة لعملية التخطيط ، وتتألف الخطوات التي اقترحتها تابا لتطوير وحدة تعليمية تعلمية

3- نموذج جريفز:

أما عن نموذج جريفز فقد ركز هذا النموذج على المعرفة في المقام الأول وحدد العلاقات بين مختلف الأبعاد الرئيسية للمنهج وانطلق فيه من الأهداف العامة للتربية ممثلة في الجانب المعرفي والمهارات الأساسية واكتساب المهارات الاجتماعية

وهناك العديد من النماذج الأخرى لبناء المنهج ومنها نموذج (ويلر) ونموذج (نيكولز)  ونموذج (يوشامب)

4-نموذج المنهج القائم على المعايير :

أن عملية بناء المنهج في هذا النموذج تحتوى على أربع عمليات رئيسية وهي التخطيط ، التنفيذ ، التجريب ، الإنتاج.

 

الخاتمة

وختاما فإن عملية بناء المنهج من أسس التعليم بل هي أساس العملية التعليمية ، ولقد ركزت هذه النماذج على أن عملية بناء المنهج عملية مستمرة وليست ختامية

نتمنى لكم قراءة ممتعة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

الكاتبة : رشا إبراهيم صابر

 دراسات عليا مناهج وطرق تدريس العلوم

تصميم : ولاء عوض
 

المراجع

- نماذج بناء المناهج الدراسية.. إعداد الباحثتين/نوير العجمي – فاطمة الشيخي
- الخوالدة، ناصر أحمد، وعبد، إسماعيل يحيي(2011) المناهج أسسها ومداخلها الفكرية وتصميمها ومبادئ بنائها ونماذج تطويرها. عمان: زمزم للنشر والتوزيع.
- الربيعي، محمود داود. (2016) المناهج التربوية المعاصرة. عمان: دار صفاء للنشر.
- زيتون، حسن حسين (2010) مدخل إلى المنهج الدراسي رؤية عصرية. الرياض: الدار الصولتية للتربية.
- سعادة، جودة أحمد، وإبراهيم، عبد الله محمد (2018) المنهج المدرسي المعاصر (ط.9 .)عمان: دار الفكر.
- السميري، لطيفة صالح (1993) نموذج مقترح لتطوير تدريس مقرر أسس المناهج وتنظيمها في ضوء
أسلوب النظم، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة أم القرى.
- السميري، لطيفة صالح (1997) النماذج في بناء المناهج. الرياض: دار عالم الكتب للنشر والتوزيع.
- عطية، محسن علي (2015) المناهج الحديثة وطرائق التدريس. عمان: دار المناهج للنشر.
- علي، محمد السيد (2011) اتجاهات وتطبيقات حديثة في المناهج وطرق التدريس. عمان: دار المسيرة للنشر.

- الكسباني، محمد السيد(2012)المنهج المدرسي المعاصر. الإسكندرية: حورس الدولية للنشر.


لمعرفة المزيد عن أكاديمية التدريس شاهد هذا الفيديو ..