التنشئة الإجتماعية - أكاديمية التدريس

     بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...

التنشئة الإجتماعية - أكاديمية التدريس


التنشئة الإجتماعية

هل سألت نفسك يومًا لماذا يقوم الأطفال بسب الدين؟

لماذا تنتشر ظواهر التحرش والقتل؟

لماذا غاب الوعي الديني عن الأطفال والمجتمع؟

هذا ما سنعرفه في هذا المقال.

المقدمة 

 تعتبر التنشئة الإجتماعية هي اللبنة الأولى في بناء الفرد والمجتمع حيث سلامة المجتمع ثمارها والأسرة والمؤسسات التربوية جذورها وطيب الصفات مياهها.

ومؤخرا ازداد معدل الطلاق ومعه معدل الولادة وكلاهما ناتج عن عدم التنشئة الإجتماعية الصحيحة. الطفل ما هو إلا إناء فارغ يمتلئ بصفات مجتمعة. فإذا صلحت تنشئته صلح الطفل وأصلح مجتمعه وإن خاب فقد فسد المجتمع، وإن معظم المشاكل الاجتماعية ناتجة عن سوء التنشئة الاجتماعية من جميع المؤسسات المعنية بذلك. فالفقر، والبطالة، والمشكلة السكانية، والطلاق، وغيرهن من المشكلات. فالتنشئة الاجتماعية ماهي إلا عملية تتشكل فيها صفات الفرد، ومعتقداته، والتي يكتسبها من الوسط الاجتماعي المحيط به من الأسرة، والمدارس، وجماعة الرفاق، والجامعات، والمحتوى الذي يراه على برامج التواصل الاجتماعي. فالتنشئة الاجتماعية هي التي تحدد ملامح الشخصية المستقبلية للفرد المجتمعي، وجميعنا يعاني من تلك المشكلات الناتجة عن سوء التنشئة الاجتماعية. ولكن هذا ليس موضوعنا، ففي هذا المقال سنتعلم كيف ننشئ أطفالنا على القيم والمثل التي نحافظ بها على مجتمعنا، وكيف نربي أولادنا تربية صحيحة نفخر بها في المشيب ونخرج منهم المعلم والطبيب.

وفي هذا المقال نجيب على هذه الأسئلة التالية:

1- ما هي التنشئة الاجتماعية؟

2- ما أهمية التنشئة الاجتماعية؟

3- ما أهداف التنشئة الاجتماعية؟

4- ما خصائص التنشئة الاجتماعية؟

5- العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية.

6- صور التنشئة الاجتماعية.

7- شروط التنشئة الاجتماعية.

8- مشكلات التنشئة الاجتماعية.

9- طرق التنشئة الاجتماعية.

10- وسائط التنشئة الاجتماعية.

11- أساليب التنشئة الاجتماعية.

مفاهيم التنشئة الاجتماعية

تتعدد مفاهيم التنشئة الاجتماعية ولكنها تدور حول فكرة رئيسية وهي أنها عملية مكتسبة وليست فطرية. فالطفل ينشأ لا يعرف إلا الخير بفطرته، ثم يبدأ والداه بتعليمه العقائد والقيم بما يتناسب مع ثقافة مجتمعه.

ومن تعريفات التنشئة الاجتماعية:

هي العملية التي يكتسب الفرد من خلالها سلوكا معينا من الخبرات والسلوك الاجتماعي أثناء مواقف التفاعل مع الآخرين عبر مراحل العمر المختلفة.

وعرفها آخرون:

أنها هي العملية التي يتشكل خلالها معايير الفرد، ومهاراته، ودوافعه، واتجاهاته لكي يتوافق مع المجتمع.

وعرفها آخرون:

بأنها عملية التفاعل الاجتماعي التي يكتسب فيها الفرد شخصيته الاجتماعية التي تعكس معتقداته وميوله.

وهناك تعريفات أخرى، ولكنها تدور حول ذات المعنى، مع اختلاف الألفاظ وطريقة التعبير.

أهمية التنشئة الإجتماعية

1- تعمل على إعداد أفراد صالحين اجتماعيًا يساهمون في نهضة المجتمع.

2- تعمل على توطيد العلاقات بين جميع أفراد الأسرة.

3- تعمل على مواجهة المشاكل الاجتماعية.

4- تعمل على توجيه سلوك الأفراد لاكتساب صفات حميدة.

5- تساهم في بناء الضمير عند الأفراد.

أهداف التنشئة الإجتماعية

تتعدد أهداف التنشئة الاجتماعية ولكنها تدور حول فكرة رئيسية وهي إعداد شخصية إنسانية سوية تتسم بصفات جيدة وإقامة علاقات قوية بين الوالدين وأفراد المجتمع، ومن أهداف التنشئة الاجتماعية:

1- تكوين الشخصية الإنسانية الإجتماعية، وتكوين الشخصية الصحيحة للطفل عن طريق إشباع الحاجات الأولية للطفل، بحيث أن إشباع الحاجات الأولية للطفل يعتبر وقاية له من الأمراض النفسية مستقبلا ويجعله أكثر اجتماعية مع الآخرين.

2- تكوين ما يسمى بالشخصية المتوالية، أي إقامة علاقات بارزة مع الشخصيات المشهورة مجتمعيا من القدوة الحسنة التي تتحكم في تشكيل شخصية الإنسان.

3- تحقيق الأمن النفسي والصحي للأفراد، خالية من المشاكل الاجتماعية والأسرية.

4- اعتماد الفرد على نفسه مما يساعده على الاستقلال وتكوين الرؤية الذاتية للأشياء ونحو الظواهر الإجتماعية.

خصائص التنشئة الإجتماعية

 تتميز التنشئة الإجتماعية بعدة خصائص منها:

- عملية مستمرة ومكتسبة:

حيث تبدأ التنشئة الاجتماعية منذ الطفولة وحتى المشيب، وهي أيضا عملية مكتسبة من الوسط المحيط من الأسرة والبيئة الاجتماعية.

عملية تعلم اجتماعي:

أي أنها تتم خلال التفاعل الاجتماعي بين الأفراد والأدوار التي يقومون بها وفق معايير محددة، حيث يكتسب الفرد منها القيم وتتكون منها صفاته الشخصية.

- عملية نمو وتحول:

 تتميز عملية التنشئة الاجتماعية بأنها عملية نامية تتأثر بالبيئة، هدفها اكتساب خبرات لازمة للبناء النفسي والمجتمعي والعيش بأمان في مجتمع يسوده الحب والود.

- عملية دينامية:

ويقصد بها التفاعل مع الآخرين من أفراد المجتمع فيؤثر فيهم ويتأثر بهم، فالعملية الدينامية هي العملية التفاعلية التي تعتمد على التداخل بين جميع مكونات المجتمع من أفراد ومؤسسات.

- عملية معتمدة على الفروق الفردية:

حيث تختلف التنشئة الاجتماعية من شخص لآخر كل حسب مستوى ذكاءه وقدرته على الفهم والاستيعاب وعلاقتة مع الآخرين، وبالتالي تختلف الطرق والأساليب التي تستخدم في التنشئة الاجتماعية من شخص لآخر، وذلك بناءً على الفروق الفردية.

- عملية تربوية:

تعتمد التنشئة الاجتماعية وأساليبها على نظريات من قوانين وحقائق، تستمد من العلوم التربوية، من علوم النفس والاجتماع والصحة النفسية وطرق التدريس وغيرها من العلوم التربوية.

 العوامل المؤثرة في التنشئة الإجتماعية

1- البيئة الطبيعية:

حيث تختلف التنشئة الاجتماعية باختلاف البيئة الطبيعية، فالطفل الذي يعيش في بيئة زراعية تختلف تنشئته عن الذي يعيش في المدينة عن الذي يعيش في البدو عن الذي يعيش في بيئة ساحلية، فكل مكان يختلف في عاداته وتقاليده وثقافته وعرفه؛ ولهذا نلاحظ الفرق في اللغة والتفكير بين طالب أو طفل يعيش في بيئة زراعية وطفل مدني.

2- الطبقة الاجتماعية:

تختلف التنشئة الاجتماعية من طفل لآخر، وذلك حسب الطبقة الاجتماعية لعائلته، فالطبقة الاجتماعية العالية يوفرون ظروفا أفضل من حيث التعليم، وغالبا ما يكون الوالدان على درجة كبيرة من العلم والثقافة؛ مما يوفر ظروف أسرية أفضل لتربية الأطفال، بينما الطبقة الاجتماعية المتوسطة توفر إمكانيات أقل وكذلك الطبقة الأدنى، ولكن التنشئة الاجتماعية تبعا للطبقة الاجتماعية يتوقف على مدى حب الوالدان وترابط أفراد الأسرة، فهذا يجعل الطفل ينشأ في ظروف نفسية لطيفة؛ مما يعينة على حب التعلم والمجتمع وتتشكل شخصيته بصورة صحيحة، وقد يكون المستوى المادي للطبقة الاجتماعية العليا سببا في فساد الأطفال؛ بسبب توفير كل ما يحتاجه الطفل يشعره بعدم المسئولية وسوء تقييم الأشياء، وكذلك يفقده الصبر، وغيرها من الصفات الحميدة؛ ولهذا يجب الاحتراس في تربية الأطفال في المستوى الاجتماعي العالي.

3- الثقافة:

تتحكم الثقافة بكل أنواعها من الثقافة الاجتماعية، وغيرها من الأنواع الأخرى في التنشئة الاجتماعية للأطفال، فتختلف الثقافة باختلاف المجتمع واختلاف المنطقة الجغرافية، ولكن يمكن القول أن كل الثقافات تعلم الصفات الحميدة التي يجب إكسابها للأطفال ليكون شخصا صالحا؛ ولذا يجب أن تكون إنسانا تتحلى بالصفات الحميدة مهما اختلف موطنك وثقافتك، فأصلنا واحد وكوكبنا واحد ومن يدري لعلنا أقارب ونحن لا نعلم.

4- الدين:

يعتبر الدين هو أكبر مؤثر في التنشئة الاجتماعية، حيث يبقي أثره يتغلغل في قلوب الأطفال ما داموا أحياء يرزقون، فالدين يخبرك كيف تعيش وما هو صواب وما هو مخطئ وما هي الطريقة المناسبة للزواج وكل الأديان تحرم اللواط وهو أن يتزوج الرجل رجل والأنثى بمثلها والكل يعلم بأن أصلنا واحد وهو من آدم وحواء وكل ماهو شائع في هذه الأيام ما هو إلا بغي وافتراء وأبدا لن يدوم ومهما ارتفع صوت الباطل فكلمة الحق أبقى.

5- الوضع السياسي:

يتحكم الوضع السياسي والنظام الحاكم ونظام الحكم في عملية التنشئة الاجتماعية، حيث إن النظام السياسي يوجه التنشئة لتكون وفق هواه وموافقة لسياساته التي يتبعها للمحافظة على البلاد بما يراه صالحا لمزيد من الإستقرار وانتشار الأمن والأمان.

6- الوضع الإقتصادي:

يقصد بالوضع الاقتصادي الطريقة الإنتاجية التي يعتمد عليها المجتمع، وهذه تستمد من طبيعة المجتمع، حيث إن المجتمع الساحلي يعتمد على الصيد، والزراعي يعتمد على الزراعة فالوضع الاقتصادي يوجه عملية التنشئة الاجتماعية بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي للمجتمع.

7- المستوى التعليمي:

يعتبر المستوى التعليمي للمجتمع بشكل عام والوالدان بشكل خاص يتحكم في التنشئة التعليمية بشكل مباشر، حيث المجتمعات المتقدمة تعليميا توفر ظروفا أفضل للتنشئة الاجتماعية وتوفر الظروف المناسبة للإبداع بشكل أكبر، أما المجتمعات المتخلفة فهي لا توفر الظروف الملائمة للتنشئة الاجتماعية الصحيحة. 

وكل هذه العوامل ترتبط بأدوار المؤسسات المجتمعية والتي يقصد بها المؤسسات المسئولة عن التنشئة الاجتماعية، مثل: المؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات الاجتماعية التي تعمل على نشر الوعي الكافي بالتنشئة الاجتماعية.

 صور التنشئة الإجتماعية

للتنشئة الاجتماعية صور عديدة فمنها:

- صورة نظامية مقصودة وهي التي تكون من المنظمات الاجتماعية كالمدرسة.

- صور غير نظامية وتكون بشكل غير منظم وغير ممنهج مثل الأسرة.

- صورة مرئية وهي التي يرتبط فيها أسلوب أسلوب التنشئة بوسائل مرئية.

- صورة غير مرئية وهي تعتمد على السماع أو أي حاسة أخرى غير الصورة المرئية التي تعتمد على حاسة البصر.

شروط التنشئة الاجتماعية

هناك ثلاثة شروط تضمن لك تنشئة اجتماعية مناسبة وهي:

- المجتمع القائم المنظم الذي يعتمد على قيم ومبادئ فإنه يضمن تربية سليمة للنشء وتنشئة صحيحة.

- الطبيعة الإنسانية الصحيحة.

- الوراثة البيولوجية للفرد فالعوامل الوراثية ذات تأثير كبير في حدوث التنشئة الإجتماعية السليمة.

مشكلات التنشئة الإجتماعية

1- صعوبة التنسيق بين المؤسسات الإجتماعية المختلفة لتطبيق التنشئة الاجتماعية الصحيحة، فترى الأسرة تعمل على توجيه وتربية الطفل بأسلوب يختلف عن المدرسة.

2- أنها لا تهتم بتأثير جماعة الأفراد وتأثير المجتمع المحيط بالطفل.

3- بعد الأب والأم عن الطفل يسبب مشاكل نفسية مستقبلا وكذلك من أكبر المشاكل التي تصيب الطفل بالإحباط هي تفضيل بعض الإخوة على الآخر مما يجعله يشعر أنه غير مرغوب في وجوده.

 طرق التنشئة الاجتماعية

 هناك طريقتان رئيستان وهما:

 الطريقة المباشرة:

وهي تقديم الدعم اللازم للطفل بشكل مباشر مثل ضمه وتقبيله وتبادل الكلام معه مما يشعره بالأمان والإطمئنان.

الطريقة غير المباشرة:

 وهو إجبار الطفل أن يسلك سلوكا رغما عنه دون احترام ميوله.

وسائط التنشئة الإجتماعية

 يقصد بها المؤسسات والشخصيات المسئولة عن التنشئة الاجتماعية ومنها:

1- الأسرة.

2- المدرسة.

3- وسائل الإعلام.

4- المؤسسات الدينية.

5- الأندية.

6- الأصدقاء.

أساليب التنشئة الإجتماعية

1- الأسلوب السوي.

2- أسلوب السيطرة.

3- الملاحظة والتقليد والمشاركة.

4- تفضيل أحد الأبناء عن الآخرين.

5- أسلوب الخضوع للطفل.

وغيرها من الأساليب الكثيرة.

الخاتمة

إن التنشئة لعملية مهمة ولكنها صعبة التطبيق؛ ولهذا نقول بأن على الوالدان أن يسعوا جاهدين في تعليم أولادهم الصبر، وأن الأساس في الحياة الرضا والحب، فليرضوا بحالهم ويطمحوا في تحسينه، ولا خير بنعمة تفقدهم حب من حولهم ولا يحزنوا من مِحَنٍ تعرفهم على معادن من حولهم، فالدين والعائلة أولا وآخرا ثم لا شيء.


المراجع

- محاضرات كلية التربية جامعة الأزهر قسم أصول التربية.


الكاتب/ عبدالرحمن نجيب

تصميم/ نورا عبدالهادي


لمعرفة المزيد عن أكاديمية التدريس شاهد هذا الفيديو...