كيفية التعامل مع غضب الأطفال؟ - أكاديمية التدريس

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...

كيفية التعامل مع غضب الأطفال؟ - أكاديمية التدريس


الغضب عند الأطفال

يجهل الكثير نوبات الغضب عند الأطفال، لكنها تُعد من أكبر المشاكل التي تواجه الأطفال في الوقت الحالي، والغضب عمومًا أصبح من المشاكل الخطيرة التي يجب أن نجد لها حلًا في أسرع وقت؛ لأنها تؤثر بالسلب على جسم الإنسان من جميع الجوانب، فما بالُك بالطفل الذي ينشأ على العصبية والغضب!

لذلك سوف نتحدث في هذا المقال عن نوبات الغضب بشكل أعمق، وخاصة الغضب عند الأطفال.

تعريف الغضب عند الأطفال

نوبات الغضب عند الأطفال: هي نوبات مفاجئة من التصرفات العدوانية التي تخرج من الطفل دون أي تخطيط مسبق، وتعد من المظاهر الطبيعية الشائعة عند جميع الأطفال، وبهذا نجد أن الغضب يُعرف على أنه حالة انفعالية يقوم بها الطفل ليعبر بها عن عجزه عن تحقيق مطلب من مطالبه بصور متعددة، إما بصورة حركية، أو لفظية، أو بصورة عدوانية، يصعب السيطرة عليها في بعض الأحيان.

وقد اهتم العلم في الآونة الأخيرة بهذه الانفعالات وأهمها (الغضب)؛ وذلك لأنه أصبح من أكثر الانفعالات النفسية تعقيدا، وقد اختلف الباحثون في تعريفه...

- تعريف Cormier:

 بأنه شعور قوي من المشاعر النفسية ويدل على عدم الرضا عن فعل شيء معين، ويكون موجهًا نحو شخص أو شيء ما وبالتالي يتحول هذا الشعور إلى حالة انفعالية تسبب الأذى والانزعاج لهذا الشخص، ويكون الهدف من هذا الانفعال هو حماية الذات من التعرض لمثل هذا الأذى مستقبلاً.

- تعريف Frazier:

على أنه طاقة ما داخل الإنسان، يمكن استغلالها واستثمارها في الاتجاه الصحيح أو يمكن تركها تضيع في مسارها دون الاستفادة منها، وتوجيه هذه الطاقة يعود إلى تعليم الآباء أبنائهم طرق إيجابية للتعامل مع هذا الغضب.

 مظاهر الغضب

حدد Crossman مظاهر الغضب فيها يلي على أنها:

١- تغير مزاجي يؤثر في الفرد ككل، وليس في جزء معين من الجسم.

٢- تغيرات داخلية تظهر تأثيرها على الجسم كزيادة عدد ضربات القلب.

٣- تغيرات خارجية تظهر من خلال التغيرات التي تطرأ على سلوك الشخص.

٤- الغضب له مظهر تعبيري يظهر من خلال حركة الجسم، مثل: تغير نبرة الصوت، أو تأهُّبه للجدال.

وأوضح Namka أن الغضب له شكلين:

١- الغضب الصحي: 

وهو ردة فعل منطقية لحدث معين ناتج عن سوء المعاملة التي يتعرض لها الفرد.

٢- الغضب غير الصحي:

وهذا الغضب ناتج عن الأفكار والمشاعر السلبية، أي أنه انفعال يستند إلى أسباب غير مقبولة وغير منطقية لتبرير الغضب، وهذا النوع يتطلب وعيًا ذاتيًا كبيرًا للقضاء والسيطرة عليه، وفي حالة عدة القدرة على السيطرة عليه فإنه يُعَدُّ غضب هدَّام.

نظريات تفسير الغضب

تحدثنا سابقا عن التعريف العام للغضب والتعريف الذي وضعه الباحثون، ولكن لم نتحدث عن النظريات التي وضعت لتعريف الغضب، الغضب كلمة تُقال كأي حديث عام، ولكن معناها عميق جدا، حيث تحتوي على العديد من التعريفات، وقد عمل الباحثون لسنوات؛ لمعرفة أسبابه، وهذا يدل على مدى خطورة هذا الانفعال التلقائي، وقد ظهرت نظريات عديدة لتفسير الغضب منها:

١- النظرية البيولوجية:

والتي أشارت إلى أن الغضب ناتج عن أسباب بيولوجية، أي أنه يمكن أن يكون وراثيًا أو له علاقة باختلال في الإفرازات الهرمونية.

٢- النظرية السلوكية:

فقد فسرت الغضب على أنه سلوك متعلم بطرق مختلفة، حيث يتم تعزيز هذه السلوكيات وتعميم الغضب للتعامل مع المواقف المختلفة؛ وذلك للحصول على تعزيزات مشابهة للموقف الأصلي.

٣- النظرية التحليلية:

ترى أن الغضب هو أهم مظاهر الغريزة العدوانية لدى الإنسان، كما أنه يحتاج إلى الإشباع، مثله مثل أي غريزة، ويكون الإشباع من خلال التعبير عنه إما بطريقة إيجابية أو بطريقة سلبية.

أسباب الغضب عند الأطفال

الغضب كما قلنا أنه أمر غريزي لموقف يتعرض له الطفل، وهناك بعض الأطفال يلجأون للغضب لإجبار الأهل على تلبية رغباتهم، كما يوجد الكثير من الأسباب الأخرى التي تثير غريزة الغضب لدى الأطفال، وهي:

- شعور الطفل بالإحباط بسبب عدم قدرته علي التعبير عن شيء يريده، وذلك يدفعه للصراخ والتعصب.

- عدم شعور الطفل بالحرية من البيئة المحيطة به، ووضع الكثير من القيود على تصرفات الطفل، وهذا يثير الغضب لدى الكثير من الفئات العمرية وليست فئة الأطفال فقط.

 - حرمان الطفل من شيء يحبه أو أخذ غرض ما منه بالقوة، بحجة أن هذا الغرض من الممكن أن يتسبب في إيذائه.

- عجز الطفل عن فهم أمر طُلب منه القيام به.

- تعرض الطفل لموقف مخيف أو القيام بأشياء تغضبه.

- إجباره على القيام بأمر ما أثناء اندماجه بشيء يُحب أن يفعله، مثل اللعب، وهنا يشعر الطفل بالغضب ويبدأ في الصراخ.

- الإرهاق أو الجوع أو الرغبة في النوم أو التوتر أو الملل.

كما يمكن أيضا الطفل يغضب دون أي سبب كان.

في أي سن تحدث نوبات الغضب؟

كما تحدثنا من قبل أن الجميع معرض لنوبات الغضب، ولكنها تكثر عند الأطفال ما بين السنة والثلاث سنوات؛ لأن تلك النوبات تكاد تكون جزءًا من حياتهم اليومية للتعبير عن شيء يريدون الحصول عليه، وتختلف نسبة حدوثها وفقًا لطبيعة شخصية الطفل، فهي تكثر عند الطفل ذو الطابع العصبي.

أعراض نوبات الغضب عند الأطفال

بإمكان الطفل التعبير عن غضبه بشتى الطرق المباشرة والغير مباشرة، مثل:

  1. البكاء.
  2. الركل بالقدمين.
  3. القفز.
  4. الصراخ.
  5. تكسير الأشياء.
  6. رمي الأشياء في كل مكان.
  7. وقد يلجأ الطفل أيضا إلي العزلة.
  8. الامتناع عن الطعام.
  9. الصمت التام.
  10. إهمال كلام الوالدين.

وتختلف مظاهر الغضب حسب شخصية كل طفل والمرحلة العمرية والظروف التي يمر بها.

أضرار الغضب عند الأطفال

هناكَ الكثير من الأضرار التي تقع على الطفل نتيجة الغضب، وهي:

  • توليد طاقة سلبية داخل الأطفال في سن مبكر.
  • توليد مشاعر سلبية تجاه الوالدين إذا كانا السبب في غضب الطفل.
  • كما يؤثر الغضب على الطفل من الناحية الصحية نتيجة امتناعه عن الطعام.
  • يحرض الغضب على السلوك العدواني فينشأ الطفل حامل طابع العصابات.
  • ويمكن أيضًا أن يؤثر في شخصية الطفل عندما يكبر، فيصبح وحيدًا؛ نتيجة عدم تقبل أصدقائه طابعه العدواني.

كيفية حل مشكلات الغضب عند الأطفال؟

للبيئة والآباء عامل حفاز في حل مشكلات الغضب عند الأطفال ومن أهم هذه الحلول:

  1. التحدث بلطف مع الأطفال وعدم إحساسهم بالذنب إذا كانوا مخطئين.
  2. احتواء الطفل والصبر عليه من أهم الحلول لهذه المشكلة.
  3. مصاحبة الوالدين لأطفالهم ومناقشتهم في حلول مشاكلهم اليومية.
  4. إظهار المشاعر الأبوية للأطفال واحتضانهم ليبثوا فيه الشعور بالأمن والطمأنينة.
  5. عدم الصراخ في وجه الطفل عندما يغضب. 
  6. يجب تجنب الضرب، فبعض الآباء يعتقدون أن أصح وسيلة لإطفاء غضب الطفل وتربيته هي الضرب، ولكن الضرب يأتي بنتيجة عكسية حيث يبث العنف ويزرع المشاعر السلبية بداخل الطفل وهو ما يؤدي إلى تمرد الطفل في المستقبل.
  7. ومن أهم الحلول أيضًا توفير الجو النفسي والصحي للطفل في بيئته.
  8. والتضامن مع الطفل إذا حدثت مشكلة بينه وبين زميله أو أخيه وهنا لا نعني الإنحياز ولكن نعني التصرف بحكمة.
  9. تفهم مشاعر الطفل والتحدث معه بهدوء حول أسباب غضبه.

أساليب التنشئة الأسرية

قام كلا من Hockenbury & Hockenbrg إلى وضع ثلاث أساليب للتنشئة الأسرية تمثلت في: التسيبي، الديموقراطي، والتسلطي، كما أشار الطحان إلى خمسة أنماط للتنشئة الأسري وتمثلت أيضا في: الاستقلال، الديموقراطية، التسلط، التقبل، الحماية الزائدة.

وقد بدأ علماء النفس في تفسير هذه الأساليب كلُّ على حدة:

فالأسلوب الديموقراطي: يتصف بأن الأمور بين الوالدين والأطفال تسير في شكل تعاوني، من خلال التشاور والحوار مع الأبناء فيما يتعلق بأمورهم، كما يمكنهم أيضا أن يقوموا بمشاركة الأمور الأسرية ويحافظوا على احترام آرائهم وتقديرها، ولا يتخذوا موقف التسلط أو الرفض، ولكن يتبعوا أسلوب الإقناع واحترام الرأي، وهذا الأسلوب إذا طُبق في كل أسرة فسوف تكون أسرة من الأُسَر الناجحة والمواظبة.

الأسلوب المتسلط: وهو أسلوب يتخذه الآباء للمنع والرفض لجميع مطالب الطفل، كما يستخدم أساليب العنف والقسوة والصرامة في التعامل معه، وتحميلهم مسئوليات ومهام فوق طاقتهم، من خلال أساليب الأمر والنهي والعقاب وما إلى ذلك من الأمور السلبية، وقد أشارت الدراسات أن هذا النوع من الأساليب ينشئ طفلا سلبيا مترددا وغاضبا على نفسه وعلى المجتمع.

الأسلوب المتساهل: ويتمثل هذا الأسلوب في ترك الطفل يفعل ما يشاء ويقوم على تحقيق رغباته ومطالبه على النحو الذي يحلو له، وعدم استخدام وسائل العقاب والثواب، وعدم توجيهه لتحميل مسئولية؛ ويترتب على ذلك عدم النضوج والاستهانة في فعل كل شيء والشعور بالإحباط والغضب.

كيفية التعرف على الطفل الذي يعاني من نوبات الغضب من قِبل المدرسة

يحتاج المعلم أولا إلى معرفة علامات وأعراض نوبات الغضب؛ حتى يتمكن من التعرف على الحالة ومساعدته بالطرق المتاحة، وذلك عن طريق التفكير في هذه الأسئلة أهمها:

  • هل يبدي الطفل معارضة شديدة ومتكررة لطلبات معقولة؟
  • هل يتصرف في كثير من الأوقات تصرفات مخادعة واستفزازية؟
  • هل يقسو على غيره من الطلاب؟
  • هل يقسو على الحيوانات؟
  • هل من عادته التنمر ومجادلة أصدقائه في المدرسة؟
  • هل يتلف الممتلكات الموجودة في المدرسة؟

وإذا كانت الإجابة بنعم عن بعض هذه الأسئلة، فيجب وضع برنامج لمساعدة الطفل في سن مبكرة، كما يجب إخبار والديه ونصحهم بأن يحسنوا معاملته ويلتمسوا له العذر.

أساليب المعلم في التعامل مع نوبات غضب الاطفال

يجب أن يدرك المعلم أنه يتعامل مع طفل (أي إنسان غير ناضج ذهنيًا وجسديًا) فالطفل كالبرعم الصغير إن غَرَستَ فيها الحب والخير والقيم نمى فأبدع وتميز ونفع الآخرين، ولكن هذه المرحلة من أخطر وأعقد المراحل من ناحية التربية، وبالتالي يجب على المعلم أن يكون على قدر كاف من الوعي والعلم في المعاملة، ويوجد أشياء يمكن للمعلم القيام بها لمساعدة الطفل، وهي:

  1. محاولة فهم المشكلة التي يعاني منها الطفل أولًا.
  2. تذكر دائما أن المكافآت أكثر فعالية من العقوبات.
  3. كما يجب أن يكون إيجابيا، مشجعا لطلابه.
  4. مكافأة الطفل على ما يبذل من جهد.
  5. وضع قواعد محددة وواقعية للفصل، بحيث يتطلب من الجميع الالتزام بها.
  6. مساعدة الطفل على بناء علاقات اجتماعية مع الطلاب الآخرين.
  7. بث مهارة التعاون والعمل الجماعي بين جميع الطلاب.
  8. إظهار الحب والحنان لهم.
  9. إذا طلب الطفل أمر مرفوض فيجب التعامل بحرص شديد هنا فلا نرفض بطريقة تجعله غاضبًا، وإنما نوضح له بطريقة يسيرة أن هذا الأمر خاطئ.
  10. القيام بعرض بصري يبين مدى خطورة الغضب والتعصب.

وفي النهاية يجب إدراك أن الغضب لدى الأطفال غالبا ما يكون نتيجة لضعف ما بداخله؛ لذلك يجب معالجة كل المشاكل عند الأطفال؛ حتى لا يؤثر ذلك بالسلب عليهم في المستقبل.

المراجع

- نشرة إعلانية في منظمة الصحة العالمية 2020.

- سلسلة التنمية في عالم الأطفال - أحمد الكردي.

- بحث عن سلوك الغضب - د. بسمة عبد الشريف.


الكاتبة/ رحمة أنور

تصميم/ نورا عبدالهادي


لمعرفة المزيد عن أكاديمية التدريس شاهد هذا الفيديو ..