بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...
التقويم التربوي بين الحاضر والمستقبل
واقع التقويم التربوي
التقويم ليس جزءا من عملية التعليم والتعلم، بل هو منفصل عنها، حيث إنه يأتي في الغالب بعد عملية التدريس ولا يؤثر فيها.
التقويم يُختزل في الاختبارات كوسيلة رئيسة أو وحيدة لتقويم التحصيل والاختبارات النهائية، لا يستفيد الطالب من نتائجها في تحسين مستوى تحصيله.
الطالب لا يعلم عن نتيجته وأدائه إلا بعد انتهاء التدريس، ولا يكون بمقدوره إعادة تعلم الكفاية التي دلت نتائج التقويم على عدم إتقانها.
غياب الأنشطة التقويمية الموجهة لكل طالب حسب قدراته.
لا يعطي الطلبة الفرصة للتعلم من بعضهم البعض.
خبرات المعلمين محدودة في استخدام أدوات تقويم متنوعة.
أصبح الدافع لدى الطالب يَنصبّ على الحصول على درجات عالية، وعزز ذلك الروح التنافسية عند الطالب والسلوكيات الخاطئة.
التضخم المتزايد للدرجات من عام لآخر.
الشكاوي المستمرة من الطلاب وأولياء أمورهم من صعوبة الاختبارات وغموضها وعدم عدالتها؛ مما يشكل ضغطا كبيرا على المؤسسات التعليمية يتجه نحو خفض مستويات معايير الاختبارات.
وحيث أن التقويم جزءا لا يتجزأ وعنصرًا حيويا في العملية التعليمية، فهناك عدة مبادئ أساسية لا بد أن يبنى عليها التقويم التربوي:
- التقويم مدخل مهم من مداخل إصلاح التعليم
- التقويم جزء أساسي من العملية التعليمية وليس منفصلا عنها.
- هناك علاقة قوية بين ما يتم تقويمه وما يتم تعلمه، ما يتم تقويمه يعتبر أكثر أهمية وقيمة تربوية.
- التقويم المبني على رؤية صحيحة يؤدي إلى بناء أدوات تقويم علمية ذات موثوقية، يمكن من خلالها جمع الشواهد التي تقود إلى أحكام صحيحة عن تحصيل الطلاب، وبالتالي إلى تحسين التعلم.
- التغذية الراجعة عنصر أساسي في عملية التقويم للمدرسة وللمعلم وللطالب ولولي الأمر.
معايير التقويم الجيد
- يبنى على كفايات مهمة.
- يتناول العمليات والنواتج.
- مدمج مع المنهج وعملية التدريس.
- أسلوب التقويم المستخدم يعتمد على الهدف من التقويم.
- أداة التقويم متوائمة مع الناتج التعليمي.
- معايير الأداء واضحة ومفهومة.
- التقويم يقدم معلومات يمكن الاستفادة منها في توجيه التعلم.
- مشاركة المتعلم في عملية التقويم.
- يقدم تغذية راجعة شاملة عن تقدم الطالب، باستخدام مقاييس متعددة وعلى مدى زمني طويل.
مستويات التقويم
مع تطور العملية التعليمية تعددت مستويات التقويم كالتالي:
التقويم الصفي:
عملية جمع الشواهد حول تعلم الطالب داخل الصف بأدوات مختلفة (اختبارات - ملاحظة - تقويم الأداء - ملفات الإنجاز) ... الخ
التقويم الوطني:
هو عملية تقويم دورية لتعلم الطالب تتم على نطاق وطني، وتستخدم لأغراض المساءلة والمحاسبة، تطوير المناهج، مراقبة التقدم، ترشيد القرار التربوي، إلخ...
التقويم الدولي:
دراسات التقويم الدولية واسعة النطاق - أكثر مشروعات تقويم التعليم شهرة TIMSS, PIRLS, PISA هدفها تحسين تعلم الطلبة من خلال التكامل فيما بينها.
وسوف نتحدث عن ملف الإنجاز كأحد أساليب التقويم الحديثة:
ملف الإنجاز
تعريفه:
"هو أحد أدوات التقويم، وهو تجميع منظم وهادف لأعمال كل طالب خلال فترة زمنية معينة في موضوع معين أو مواضيع معينة. من خلال الاستناد إلى مجموعة من المعايير والمحكات التي يتفق عليها المعلم والطالب والتي تعطي الطالب فرصة للتعليق والتفكر والتأمل الذاتي لعمله".
وهو أحد أدوات التقويم (القديمة، الحديثة) للتقويم الشمولي؛ نظرا لأهميتها في قياس نمو وتطور الطالب الأكاديمي، إلى جانب قياس تطوره الشخصي والاجتماعي.
- ويتكون ملف الإنجاز من تجميعات أعمال كل طالب (الطالب منتجها).
- ويكون التجميع لمحتوى الملف هادفا وليس عشوائيا.
- يعطى الطالب الفرصة للتعليق والتأمل الذاتي، حيث إن بعض الأعمال قد تكون غير مكتملة ومن حق الطالب الرجوع إليها وتطويرها.
أهدافه:
- أن يشارك الطالب في عملية تعلّمه، من خلال اختيار وتنظيم محتوى ما يدرسه.
- أن يتعود الطالب على الممارسة والتأمل في الأعمال التي ينجزها وكذلك النقد الذاتي.
- توثيق إنجازات الطلبة وتعلمهم.
- تيسير التواصل بين المعلم وأولياء الأمور حول مستوى أداء الطالب.
خصائصه:
- له غرض واضح وأهداف محددة (التجميع ليس عشوائيا).
- فيه أعمال مختارة بطريقة منظمة لنتاجات الطلبة.
- هناك خطوط عامة تم وضعها لما يجب أن يكون في ملف الإنجاز.
- يقوم الطلبة باختبار ما يتم وضعه في الملف.
- يقوم الطلبة بعملية التأمل والتقييم الذاتي لما هو موجود في الحقيبة.
- يتم توثيق تقدم الطلبة من خلال عرض النتاجات المختلفة والتقييمات.
- هناك معايير واضحة ومناسبة لتقييم نتاجات الطلبة.
- توجد لقاءات لمناقشة الملف بين الطالب والأستاذ.
تقييمه:
لا بد من توافر أبعاد محددة في ملف الإنجاز ليتم تقييمه. فعلى سبيل المثال: يمكن أخذ الأبعاد التالية لتقييم ملف الإنجاز:
- الجهد المبذول وتطور الطالب خلال فترة زمنية معينة.
- مدى استخدام استراتيجيات معينة.
- استخدام أسلوب حل المشكلات.
- القيمة النوعية النهائية لأعمال الطالب.
تصحيح ملفات الإنجاز:
لنفترض أنه يوجد لدى المعلم ملف إنجاز في العلوم كما يلي:
- شريط فيديو عن تنفيذ عمل معين.
- ورقة عمل جماعي.
- إعداد مجسم في المنزل عن أحد أجهزة جسم الإنسان التي تم دراستها خلال الفصل الدراسي.
- إجراء بعض التجارب المعملية أثناء الدرس وتسجيل النتائج في ملف الانجاز.
ثبات الدرجة في ملف الانجاز:
من العوامل التي يمكن أن تحد من مشكلة ثبات التصحيح:
- وضع إجراءات محددة للتصحيح وذلك من خلال تحديد مستويات أداء واضحة توجه عمليات تقييم المهارات والخصائص الموجودة في ملف الإنجاز، والتي عادة ما تكون متداخلة ومعقدة.
- وكذلك فإن تدريب المعلمين على إجراءات التصحيح عامل مهم آخر لحل مشكلة الثبات.
ومن أهم التوصيات لتطوير التقويم ما يلي:
- تطوير سياسات وأنظمة التقويم الصفي والوطني وإعطاء مساحة أكبر لممارسة التقويم الحقيقي (ملف الإنجاز، تقويم الأداء، وأساليب التقويم البديلة)، وعدم الاقتصار على الاختبارات التحصيلية فقط؛ لتقويم تعلم الطالب من المهارات والمعارف والاتجاهات والسلوكيات، والتركيز على مهارات التفكير ومهارات الحياة.
- تبنّي أسلوب التقويم الصفي المعتمد على الكفايات، وأسلوب التقويم المستمر في مختلف الصفوف الدراسية، مع بقاء اختبارات التخرج لنهاية المرحلة الثانوية.
- التطوير المهني في القياس والتقويم: إن الرؤية التي طرحت في النموذج تتطلب لتحقيقها التركيز على التطوير المهني للعاملين في التعليم بمختلف مستوياتهم، من معلمين ومشرفين تربويين ومديري مدارس في مختلف مجالات التقويم التربوي.
- توفير المصادر لمهام التقويم: إن بناء مهام التقويم (وخاصة التقويم الحقيقي) عملية شاقة وتتطلب الكثير من الخبرات والموارد والوقت لإنجازها.
- تغيير القناعات لدى أولياء الأمور بأهمية اكتساب الطالب للكفايات لا الاقتصار على الدرجات.
المراجع
- أساليب التقويم التربوي - د. محمد عثمان.
- استراتيجيات التقويم التربوي - د. سناء إبراهيم.
إعداد/ رشا إبراهيم صابر محمد.
تمهيدي ماجستير مناهج وطرق تدريس علوم.
تصميم/ إسلام حمدتو
لمعرفة المزيد عن أكاديمية التدريس شاهد هذا الفيديو ..