التهجين في النبات - أكاديمية التدريس

   بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...

التهجين في النبات - أكاديمية التدريس

المقدمة

يرغب معظم المزارعين في جعل أرضهم تنتج أفضل الثمار وتأتي بالخير الكثير، ولذلك يلجأ هؤلاء المزارعين في بعض الأحيان لتغيير صفات بعض النباتات وذلك لأغراض معينة ومنها الحصول على أفضل النتائج سواء كانت من الناحية الاقتصادية أو غيرها من النواحي الأخرى، ولكن هل بإمكان المزارع فعل كل هذه الأمور في النبات؟! وهل بإمكانه تغيير الصفات الداخلية والخارجية للنبات والثمار؟! وماذا يحدث في النبات إذا استطاع الإنسان فعلا تغيير هذه الصفات؟! وماذا تسمى هذه العملية؟!

كل ذلك سوف نُجيب عنه في هذا المقال.

نبذة عن عملية التهجين  بشكل عام

عندما يحدث تزاوج بين نباتين أو حيوانين من نوعين مختلفين أو سلالتين مختلفتين، وكل منهما له خصائص وصفات مختلفة ومتميزة عن الآخر فإن الفرد الناتج يُعرف باسم "الهجين"

ويُطلق على عملية التزاوج هذه باسم "تهجين" والغرض من أي عملية تهجين هو الحصول على نسل جديد يجمع بين الخصائص المميزة للأبوين أو النوعين الأصليين.

وهناك اعتقاد أن القدماء المصريين هم أول من عرفوا التهجين، حيث استخدموا هذه العملية كثيرًا للحصول على هجين مختلف ومميز ذوي صفات مطلوبة ومرغوبة  من قِبَلهم، وكذلك ظهر التهجين أيضًا بشكل ملموس أيام العرب والرومان والفرس.

وفي عالم النبات، قام أحد العلماء المتخصص في علم الوراثة والذي يُعرف ب " جريجور مندل" بالتوصل إلى قوانين الوراثة الشهيرة نتيجة  للتجارب العديدة الذي قام بها لعمليات التهجين، حيث كان يقوم بنقل حبوب اللقاح من نبات له خصائص وراثية معينة إلى نبات آخر ذو صفات وراثية مختلفة تمامًا عن النبات الآخر ثم يقوم بملاحظة الخصائص التي تنتج من الهجائن الجديدة.

وقد زادت عمليات التهجين وخاصة تهجين النبات في الوقت الحالي، وذلك للحصول على ثمار أخرى تتميز بخصائص مختلفة مثل كِبر حجمها واختلاف لونها ووفرة غلتها وقدرتها على مقاومة الأمراض مثل:

البطاطا، والبطاطس، والتفاح، والعنب، والبطيخ، والقمح، والذرة، والطماطم وغيرها من الثمار المختلفة، وفي بعض الأحيان يكون الهجين الناتج نوعًا جديدًا مختلفًا  تمامًا عن النوعين الأصليين، وذلك مثل تجربة تهجين الكرنب مع الجزر، وأيضًا بعض أنواع الفاكهة الجديدة، ومثل القمح التي تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية حيث أنه هجين من سلالات سابقة وله خصائص مختلفة وصفات تميزه عن القمح العادي.

وأخذ مفهوم التهجين يتقدم إلى أن وصل إلى ما يُعرف ب "الهندسة الوراثية" في وقتنا الحالي، والتي تعني أن العلماء لديهم القدرة على نقل بعض من المادة الوراثية من خلايا كائن حي إلى خلايا كائن حي آخر فيكتسب بعض خصائصه المطلوبة من قِبل علماء الوراثة، وذلك مثلما قام العلماء بتوليد أنواعًا جديدة من البكتريا والتي يُمكن الاستفادة منها علميًا وطبيًا واقتصاديًا، وقد تحققت إنجازات عديدة في هذا المجال، ومازالت في طريقها للتقدم والتطور واكتشاف المزيد والمزيد.

ما هو علم النباتات؟

هو علم يختص بدراسة حياة النبات بشكل عام ويدرس كل شيء عن النبات من حيث الشكل والتركيب والتطور وما إلى ذلك من خصائص النبات، ويُعد علم النبات أحد فروع علم الأحياء ويُسمى ب "Plant biology” ويدرس علم النبات العديد من الفروع المختلفة مثل:

علم الشكل الظاهري:

وهو علم يهتم بدراسة التركيب الخارجي للنبات.

علم التشريح أو التركيب:

وهذا العلم يهتم بدراسة التركيب الداخلي للنبات.

علم البيئة النباتية:

وهو يهتم بدراسة الظواهر البيئية التي تؤثر على نمو النبات وصفاته المختلفة.

علم النبات التقسيمي:

وهذا العلم يهتم بتصنيف وتعريف وتطور النباتات.

علم الفطريات:

بينما هذا العلم يهتم بدراسة النباتات الخالية من الكلوروفيل أي أنه يهتم بدراسة النباتات غير ذاتية التغذية.

علم أمراض النبات:

وهذا العلم يهتم بدراسة الأمراض المختلفة التي تُصيب النباتات، كما يهتم بتقديم حلول وعلاج لهذه الأمراض.

علم الوظائف:

هو العلم الذي يهتم بدراسة العمليات الحيوية داخل جسم النبات.

علم الخلية:

يختص هذا العلم بدراسة خلية النبات وكيفية نموها وتطورها.

علم الوراثة:

يدرس هذا النوع من العلوم الاختلافات الوراثية.

علم البكتيريا:

هو علم يختص بدراسة انواع البكتيريا التي تُصيب النباتات.

علم الفيروسات:

وهو العلم الذي يهتم بدراسة انواع الفيروسات التي تصيب النباتات

علم الطحالب:

هذا العلم يهتم بدراسة النباتات الثالوثية التي تقوم بعملية البناء الضوئي.

والجدير بالذكر أن النباتات تُصنف حسب طرق تغذيتها إلى نوعين هما:

نباتات ذاتية التغذية.

ونباتات غير ذاتية التغذية.

وما زال العلماء يدرسون علم النبات ليكتشفوا عنه المزيد.

ما هو التهجين في النبات؟

تهجين النبات هو عملية يقوم بها المزارع على النباتات للحصول على جيل جديد به صفات مختلفة عن المعتاد سواء أكانت هذه الصفات داخلية ام خارجية مثل اللون والشكل والطعم والحجم والرائحة ومقاومة الحشرات والامراض التي تُصيب بعض النباتات أو مدة إزهار هذه النباتات وغيرها من الصفات المختلفة والمتميزة الأخرى، ويتم إنشاء الهجين عن طريق تهجين نوعين مختلفين من نفس النبات، وذلك بأخذ حبوب اللقاح من الزهرة الذكرية لنبات واحد ونقلها إلى أجزاء الزهرة الأنثوية من نبات آخر، وبذلك يتم تلقيح مبيض الزهرة الأنثوي،  ومن ثم بعدها يبدأ المبيض في الانتفاخ وتشكيل ثمرة جديدة، وتُعرف البذور التي بداخل هذه الثمرة بالبذور الهجينة، وتتم هذه العملية عن طريق التدخل البشري.

طرق تهجين النبات

قام الكثير من المزارعين باستخدام طرق كثيرة لتهجين النباتات، وتم تقسيمها إلى:

- طرق قديمة وفيها قام المزارعون باستخدام وسائل بدائية في عملية التهجين.

- طرق حديثة، والتي استخدمها العلماء في الآونة الأخيرة باستخدام الطرق العلمية الحديثة التي لا تزال تتطور بشكل كبير.

الطرق القديمة

نظرًا لأن العلم الحديث لم يكن موجودًا في ذلك الوقت، فقد كان المزارعون يعتمدوا في تلقيحهم على أدوات رديئة لذا كانت عملية التلقيح تستغرق أوقات طويلة، فقد كان المزارع يبحث عن طريقة ملائمة لجعل نباتٍ يحمل صفات مرغوب فيها مع نبات آخر بحمل صفات مميزة أيضًا ليصل إلى جيل جديد من النبات أو ما يُسمى بالنبات الهجين الذي يتميز بصفات فريدة ومختلفة عن النبات الغير مهجن، ولكن كما قلتُ سابقًا أن هذه العملية تستغرق أمدًا طويلًا لحدوثها، وكانت تتم عن طريق زراعة نوعين من النباتات المختلفة في الحقل، فتقوم الرياح والحشرات بنقل حبوب اللقاح من النبات الأول إلى النبات الثاني، وقد لا تُعطي هذه التجربة نتائج فورية لذا يقوم المزارع بإعادة وتكرار التجربة مرة أخرى لكي يحصل على النتائج التي يريدها  من الجيل الجديد.

الطرق الحديثة

تتم هذه العملية باستخدام الوسائل العلمية الحديثة، عن طريق زراعة نوعين من النباتات بجانب بعضهما البعض، وبعد أن تنمو وتُزهر تلك النباتات، اختر النبات الذي وجدت فيه الصفة التي تريدها مثل اللون أو المزاق أو الإزهار المبكر أو غيرها من الصفات الأخرى التي ترغب أن تكون في الجيل الجديد من النبات، ثم اختر الزهرة الممتلئة بحبوب اللقاح ومن ثم احضر فرشاة وقم بحك الزهرة بها لتعلق حبوب اللقاح فيها، وبعد ذلك اختر من النبات الثاني الزهرة التي تحمل أيضًا حبوب لقاح أكثر، وقم بحك الفرشاة بها ثم قطعها ووضع هذه الزهرة في كيس من الورق حتى تنمو جيدًا، وبعد التأكد من أن الزهرة قد نضجت جيدًا يمكنك إزالة الكيس الورقي ورش البذور الناتجة عن الزهرة في الحقل وذلك لإنتاج النبات الجديد بالمواصفات التي ترغب فيها، ولكن قد لا تنتج النبتة نفس الصفات التي ترغب أن تكون فيها من أول مرة لذا عليك أن تقوم بهذه التجربة أكثر من مرة على عدد أكبر من النباتات؛ حتى يسهل إنتاج الجيل الجديد حاملًا بالصفات المرغوبة  فيها.

أول عملية تهجين للنباتات

كانت أول عملية تهجين في التاريخ خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي، وفي عام 1922 تم بيع بذور ذرة مهجنة للمرة الأولى في التاريخ، وفي منتصف الأربعينيات من القرن العشرين كانت معظم نباتات الذرة المزروعة من الذرة المهجنة، وذلك يدل على نجاح أول عملية بيع للنبات المهجن.

أشهر أنواع تهجين البذور

الطماطم، ومن الأصناف الهجينة كلًا من: سيليبريشن، بيف مايسترو، كونتينر تشويش ريد.

الورود، حيث يوجد الكثير من أنواع الورود الهجينة.

الذرة، ويوجد الكثير من النوع الهجين منها مثل: Double Sweet, Kandy king, Kandy Corn وهي ذرة بيضاء نواة الذرة الحلوة وغيرها من الأصناف الحلوة الأخرى.

أنواع التهجين في النبات

يوجد العديد من طرق التهجين للنبات وهي كالآتي:

تهجين البذور مثل التهجين في نبات الذرة.

العقل الخضري مثل التهجين في التفاح.

التكاثر بالعقل كما في البويصلات.

عيوب التهجين النبات 

- تستغرق عملية التهجين وقتًا طويلًا، فكما ذكرتُ سابقًا بأن الأفراد الناتجة قد لا تحمل جميع الصفات والخصائص المرغوب فيها من أول تجربة، لذا يجب إعادة وتكرار التجربة أكثر من مرة وعلى أنواع عديدة من النباتات للحصول على نبات هجين يحمل صفات وراثية معينة.

- صعوبة الطرق المستخدمة في عملية تهجين النبات يجعلها أحد أضرار هذه العملية، حيث يتطلب زراعة النباتات دقة أكبر، وتصعُب الأمور أيضًا عندما لا يتوافر الجو المناسب لزراعة هذه النباتات.

- عند القيام بحفظ البذور وزراعتها من نبات هجين، F1 فعادة ما تكون النباتات الناتجة في الجيل الثاني أقل غلة وأقل نشاطًا ومتغيرة تمامًا في صفاتها وخصائصها، وأيضًا من الممكن أن تفقد كل المزايا التي حصلت عليها من زراعة الهجين الاصلي.

- فقدان النبات للتنوع الجيني.

- فقر في الفوائد الغذائية المحصلة من النبات المهجن.

- إحداث عقم للأزهار والموت المبكر لها.

- كسر الهجين.

فوائد تهجين النباتات

يُمكن لأي شخص ليس لديه معرفة عميقة بالوراثة أن يخلق نباتات هجينة بالطرق الطبيعية البسيطة التي تحدثنا عنها سابقًا ومن أهم فوائد عملية التهجين:

- النباتات الهجينة موحدة جسديًا، وذلك مهم بالنسبة للمزارعين الذين يحصدون بالآلات.

- في معظم عمليات التهجين، الفرد الناتج يكون أكثر نشاطًا وأسرع نموًا، وهذا يساعد كثيرًا في زراعة البذور.

- النباتات الهجينة تتمتع بقدرتها على مقاومة الأمراض التي تُصيبها أو الفيروسات والبكتيريا وغيرها من الآفات التي تقضي على النباتات.

- تساعد في الاقتصاد العالمي وذلك نظرًا لاختلاف صفاتها عن غيرها من النباتات فهي تتميز بألوان مختلفة وطعم مختلف وحجم مختلف يُساعد التجار على بيعها بأسعار مميزة مثل الفاكهة والقمح الأمريكي والخضروات وغيرها من النباتات الهجينة الأخرى.

طرق الاعتناء بالبذور المهجنة

يوجد العديد من الطرق التي يمكن استخدامها للاعتناء بالأصناف المهجنة وطرق نموها، وسوف اذكرها لكم في ما يلي:

- الانتقاء الجماعي، وتعد هذه العملية فعالة كثيرًا لتحسين وتطوير الصفات الجديدة للنباتات، وتتميز هذه البذور بقدرتها على إنتاج بذور صالحة للاستعمال لأكثر من موسم.

- تطوير الأصناف الهجينة، وتتم في ثلاث خطوات:

١- اختيار النباتات المتميزة.

٢- عبور السلالات الفطرية المحددة.

٣- التزاوج الذاتي لعدة أجيال.

الخاتمه 

وفي النهاية اعتقد أنكم بعد قراءتكم لهذا المقال أصبحتم قادرون بالفعل على إجابة الأسئلة التي طرحتها عليكم في بداية الأمر، وفي الحقيقة علم الأحياء عمومًا من العلوم الشيقة والممتعة للقراءة عنها، فهو يساعدنا على توسيع مداركنا وأفكارنا وخاصة علم النبات والوراثة اللذان يعدان نقطة في علم الأحياء، ولن يتوقف العلم الحديث عن اكتشاف وتفسير العلوم الوراثية بل سيزال العلماء يبحثون أكثر وأكثر في هذا العلم للوصول إلى المزيد من المعلومات والبيانات المختلفة.


المصادر 

كتاب حسن عزام في تربية النبات.

بحث عزيز مهدي عبد الشمري من جامعة ديالي في ظاهرة تهجين النبات. 

https://www.aspdkw.com/

https://m.marefa.org/


الكاتب: رحمة أنور 

تصميم: نورا عبدالهادي 


لمعرفة المزيد عن أكاديمية التدريس شاهد هذا الفيديو...