كيفية التعامل مع طلاب المرحلة الثانوية - أكاديمية التدريس

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...

كيفية التعامل مع طلاب المرحلة الثانوية - أكاديمية التدريس


مقدمة

تعتبر المرحلة الثانوية الصف الأول الثانوي، والصف الثاني الثانوي، والصف الثالث الثانوي) هي مقدمة لمرحلة دخول التعليم العالي، بل تعتبر المرحلة التي أوشك فيها الفرد على اكتمال النمو العقلي والاجتماعي بما يمكنه من اكتساب قدرات، ومعارف متعددة؛ لذا تختلف هذه المرحلة عن المراحل السابقة بأن العلاقة بين المعلم و الطالب لا تقتصر فقط على الناحية التعليمية، بل يجب اعتبار الطالب أخًا صغيرًا يجب توجيهه وتوعيته بدوره القادم، ومستقبله؛ لذا تحتاج المرحلة الثانوية إلى عدة أسس تربوية للتعامل مع الطلاب في المرحلة الثانوية...

وتشتمل هذه الأسس على النحو التالى:

التعرف على الطلاب وفهم اتجاهاتهم

عند دخولك الفصل لأول مرة كمُعَلِّم لا تتحدث أنت؛ لأنك ستأتي لحظة ستشعر بالتوتر، وبالتالي ستفقد السيطرة وزمام الأمور في الكلام، وستعطي انطباعًا عند الطلاب بأنك مهزوز أو متوتر، بل قم بترك المجال للطلاب للحديث؛ حتى تأخذ فترة لتنظيم أفكارك وللتعرف على عقولهم، وقم بسؤالهم عن اسم كل طالب أو الهدف من تعليمه أو أحلامه مستقبلًا، بحيث تستطيع تكوين صورة عامة عن طلاب الفصل، وبالتالي ستكون قد كوّنت ونظمت الأفكار واستطعت تقليل التوتر إلى أقل درجة ممكنة. 

 دور المعلم في تنمية وتعزيز الوعي الفكري

للمعلم دور أساسي في تنمية الوعي الفكري لدى الطلاب؛ وذلك لضمان سلامة الفكر لديهم، وعدم تعرضهم لأي نوع من أنواع الانحراف أو التطرف الفكري بما يؤثر سلبًا على المجتمع من خلال استماع المعلم الجيد لمشكلات الطلبة والعمل على حلها، باعتبار أن المعلم جزءًا أساسيًا من العملية التعليمية، والعمل على احتواء الطلبة، وعدم التمييز بين أحد على أساس اللون أو الدين أو المستوى الإجتماعي، واعتبار أن الطلبة كلهم كيانًا واحدًا لا يتجزأ، بل نستطيع القول بأن المعلم في هذه المرحلة يجب أن يخصص وقتًا من الحصة التعليمية للحديث مع الطلبة، والتعرف على أفكارهم ووجهات نظرهم في المجتمع؛ لتكوين صورة عامة واتجاه طلابي واتجاه القضايا المعاصرة.

ويمكن أن يتبع المُعلّم هذه الخطوات:

١- أن يتحلى بالصبر عند سماع مشكلات الطلاب أو عند حلها.

٢- أن تكون لديه روح الشمولية بحيث تتضمن جميع مستويات الطلاب دون تمييز أو تفرقة.

٣- أن يتعامل المعلم مع طلابه كأنهم أبناء له وليس مجرد طلاب في المدرسة.

٤- أن تكون لديه مهارة الملاحظة لتتبع السلوكيات السيئة وتصحيحها.

٥- أن يراعى الفروق الفردية بين الطلاب.


 اعتبار المعلم قدوة حسنة داخل الفصل

إن المعلم هو سيد الموقف التعليمي؛ لذا يجب أن يكون ذو شخصية كاريزما؛ كي يحظى بحب واحترام الطلاب، عن طريق فرض شخصيته داخل الفصل لكن بطريقة محببة للطلاب، تتميز بالمرونة وعدم الانغلاق أو تتبع أسلوب قمعي، كما يجب وضع إطار وحدود من الإحترام المتبادل بينه وبين الطلاب، وإعطاء المعلم التوجيهات والنصائح للطلاب بالصورة التي تشعر الطلاب بحالة من الإيجابية، يجب عليك أن تكون للطالب قدوة حسنة، وأن تترك أثرًا في نفسه يتذكره من خلال توعيتك له بالقيم الدينية وتصحيح المفاهيم الاجتماعية الخاطئة، وأن تعمل على تشجيعه وفهم ما يريد التعبير عنه، وأن تتحدث معه كأب يحنو على ابنه، وليس معلم فقط، وتعميق أثر بداخله أنك موجود بجانبه إذا احتاج إليك، فهذا سيزيد ارتباطه بك بشكل متزايد.

القيم ودورها في تنمية المجتمع

تلعب القيم دور مهم في حياة الفرد والمجتمع، حيث تعد الموجّه للسلوك، وهي تعبر عما يحدثه الشخص من مواقف، وتعمل القيم على تعزيز تصرفات واهتمامات الأفراد، بل تؤثر على التفكير الناقد، وتؤثر بشكل عام على قادة المديرين في المدارس الثانوية، والجدير بالإشارة إلى أن ترسيخ القيم التنظيمية موجود بأي منظمة، ويمثل أهمية كبيرة بالنسبة للمنظمة، حيث تساعد القيم في تنظيم عملية القرار، وتحديد رؤية المنظمة في ضوء القيم، وضبط عملية الإدارة في ضوء القيم المتفق عليها...

ومن القيم التي تسعى إليها كل مدرسة ثانوية:

١- قيمة العمل الجماعي بين المديرين والمعلمين وبين الطلاب، والتي تتمثل في دمج الطلاب في المدرسة، ومشاركتهم في الأنشطة الدراسية والمهارية، واستشارة الطلاب في السياسات الخاصة بالمدرسة لتكوين اتجاه عام لديهم بالنسبة للطلاب.

٢- تعميق قيمة الالتزام بالمهام، واحترام الوقت بالنسبة للجميع.

٣- قيمة الإبداع، وهي توفير فرص أمام الطلاب للإبداع، والابتكار، واقتراح حلول للمشكلات الموجودة في المدرسة.

٤- قيمة الدافعية وهي تحفيز الأشخاص، ودفعهم للقيام بأعمالهم بأداء جيد.

٥- قيمة الثقة بالنفس وهي تعميق شعور الطالب بنفسه وقدرته على إنجاز المهام.

٦- قيمة احترام الأخر والقدرة على تحمل المسئولية وحل المشكلات.

ضبط الفصل مع الحفاظ على احترام الطلاب

إن مهنة التدريس أو التعليم ليست بالسهلة؛ لأن المعلم مسئول عن تخريج أجيال في مختلف التخصصات، والمجالات، فهناك الطبيب، والمهندس، وهناك المدير، والضابط، والقيادي، وكلهم تتلمذوا على يد المعلم؛ لذا فإن مهنة المعلم هي مسئولية يترتب عليها نشأة وتربية أجيال ومن هنا فإن هناك بعض الإرشادات التي يجب أن يراعيها المعلم من أجل إخراج نشء قوي سليم قادر على تولي المسئولية فيما بعد...

ومن هذه التوجيهات:

١- التحكم في الانفعالات، والابتعاد بنظرك قليلًا عن المصدر الذى يسبب لك الغضب لمدة دقيقة.

٢- إتبع الأساليب العقابية التي تعمل على ضبط سلوك الطالب داخل الفصل، لكن لا تقلل من احترامه أو شخصيته.

٣- لا تسخر من أي طالب حتى لو أخطأ، بل تعامل بحكمة، واسأل الطالب الذي يضحك عن سبب ضحكه، وتعامل بحكمة.

٤- اطلب من طلابك بما في إمكانياتهم وقدراتهم.  

٥- عاملهم كراشدين أي كأخوة قد شَبُّوا، واستمع إليهم وصاحبهم، لكن كن حريصًا على تطور الأمور وفرض شخصية أحدهم عليك.

٦- الصمت سلاح فعال، فكن حريصًا على اتباع أسلوب هادئ لدرجة تجعل من أمامك يُصاب بالشك فيما ستفعله، فهذا فعال عند ضبط الصف.

٧- حبب الطلبة في مادتك عن طريق المكافآت المالية وشهادات التقدير والشكر، لكن لا تكثر منها حتى يربطوا كل أداء في المادة بهذه التقديرات، فمتى لم يجدوها تقل دافعيتهم، بل احرص على أن تكون المكافآت دورية.

فن نقد الطالب وتصحيح السلوك الخاطئ 

إن طالب الثانوية يعاني من حساسية الكلام؛ نظرًا لضغوط الدراسة، وأغلب المدرسين يقعون في خطأ وهو نقد سلوك الطالب بشكل مستمر وبطريقة تجعل الطالب ينفر من كلام المعلم أو يفقد الرغبة في الاستماع إليه، وبعض الطلاب ينظرون إلى المعلم في هذه الحالة نظرة السلطة الأبوية المطلقة المتشددة، فتزيد نسبة النفور لديهم من كثرة النقد أو شدة النقد، فالنفس البشرية تميل بطبيعتها إلى الاستماع إلى الثناء والشكر، لكن المعلم الفعال عليه أن يقوم بتوجيه النقد وتصحيح السلوك الخاطئ للطالب في صورة بسيطة ونظرة تقديرية يتقبلها الطالب، فيما يُعرف باسم "نظرية النقد" بالتغليف أو طريقة السندوتش، وهي من أحسن الطرق الفعالة لنقد بناء، والتي تقوم على فكرة وضع السلوك موضع النقد بين صفتين إيجابيتين لدى الطالب، بحيث أنك كمعلم عليك بذكر صفات إيجابية للطالب، ثم توضيح السلوك الخاطئ ونقده، ثم ذكر إيجابية الطالب لو قام بتصحيح ذلك السلوك، بحيث أن الطالب سيستطيع تقبُّل النقد بعد تقدير دوره، وشخصه، ولكن الأمر سيبدو أفضل من ذلك لو أنك قمت بكذا وكذا، ومن هنا تم توجيه النقد وتوجيه الطالب للملاحظات التي يجب فعلها والأخذ في الإعتبار لتصحيح السلوك الخاطئ ومتابعة مدى تنفيذه للتوجيهات.

العقاب البَنَّاء 

سر نجاح العقاب هو أن تعاقب الطالب على سلوكه، لا على شخصيته، فهناك من الطلاب من يعاني من التأخر الدراسى لأسباب مرضية أو نفسية، هؤلاء استثناء من أي عقاب، بل يجب الحديث معهم، واحتوائهم، وإنما حديثنا هنا عن الذين يريدون إحداث لفت انتباه أو التشويش على شرحك في الفصل...

وهذه طرق للعقاب البَنَّاء دون تجريح، وهي:

١- طريقة الساندويتش (PNP)

 وهى اختصار لعبارة

(Positive - Negative - Positive)

والتي ذكرناها وتتمثل في وضع السلوك الخاطئ بين صفتين إيجابيتين للطالب، بحيث أن يتفاعل الطالب معهم بشكل إيجابى ويتمكن من تحسين السلوك أو تصحيحه. 

٢- طريقة الهدوء الصامت

والتي تتمثل في إيقاف الطالب أمام زملاءه ثم النظر إليه لفترة مطولة بحيث أن يشعر الطالب بالشك من رد فعلك ثم نقد سلوكه بطريقة هادئة وبنبرة تثير شك الطالب فيما ستفعله فيما بعد.

٣- طريقة إيجابية المتعلم 

عن طريق تحويل الطالب المشاغب في الفصل إلى طالب ذو أثر إيجابي في العملية التعليمية، من خلال توجيهه بالقيام بالمهام التي تخدم العملية التعليمية مثل القيام بمهمة أدائية تخدم الدرس، أو التعرف على موهبته وتنميتها، أو توجيهه لحل تطبيق ما على أحد الدروس، أو سؤاله عن ماذا يتحدث الدرس؟ لتحقيق السيطرة على الفصل وفي نفس الوقت يتم عقابه بطريقة هادئة. 

4- طريقة الاحتواء

وذلك عند رؤية طالب مشاغب أو كثير التكلم، يتفاعل المعلم مع الطالب بسؤاله عن ماذا يريد أن يتكلم عنه، بحيث أن يسمح للطالب باستكمال حديثه ثم يوضح له أنه سيتحدث في هذا لاحقًا، وهذه الطريقة تعمل على احتواء الموقف، وتفريغ طاقة الطالب.

- وتختلف الطرق المذكورة باختلاف المواقف، فكل موقف يستلزم له طريقة معينة، ومما سبق فإننا نستخلص أن المرحلة الثانوية هي مرحلة تحتاج لمعلم يتمتع بالمرونة، والقدرة على تحمل الصعوبات، كما لابد من مهارة ضبط الصف؛ حتى يسهل التعامل مع طلاب المرحلة الثانوية، كما تحتاج إلى توفير مساحة للطلبة للتعبير عن آرائهم، واستماع المعلم لها يزيد من فاعلية أداء الطلاب داخل الفصل، كما يجب على المعلم ضبط الصف بالصورة التي تمكن من استئناف العملية التعليمية دون التقليل من الطلاب أو السخرية منهم، والعمل على توجههم، وتوعيتهم بالمستقبل، وتهيئة الذهن لديهم بالجامعة، ونظام التعليم الجامعي.

المصادر 

١- "الاحتياجات التدريبية لمعلمات المرحلة الثانوية لتعزيز الوعي الفكرى لدى الطالبات"، مجلة كلية التربية - جامعة أسيوط، المجلد ال٣٨، أبريل ٢٠٢٢م.

٢- "تنمية القيم التنظيمية بالمدرسة الثانوية العامة في مصر على ضوء القيادة الجمالية: تصور مقترح"، مجلة الإدارة التربوية، العدد الـ٣٤، أبريل ٢٠٢٢م.

٣- إرشادات تربوية في التعامل مع الطلبة - موقع تعليم جديد.

٤- "درجة ممارسة معلمي الدراسات الاجتماعية لمبادئ التدريس الفعال فى المرحلة الثانوية"، مجلة كلية التربية - جامعة المنصورة، العدد الـ١١٣، يناير ٢٠٢١م.

5- تقنية الساندويتش - موقع هارفارد بالعربى



الكاتب: إسلام محمد 

تصميم: منى السيد


لمعرفة المزيد عن أكاديمية التدريس شاهد هذا الفيديو...